الاثنين، 6 فبراير 2012

حديث الخلافة


- باب"تكون خلافة ثم ملك ثم جبرية ثم خلافة ( البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة(
- باب كيف بدأت الإمامة وما تصير إليه والخلافة والملك (الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد(

تحت هذين العنوانين (البابين) أخرج حديث النعمان بن البشير كنا قعودا في المسجد و كان بشيرجلا بكف حديثه(أي ما كان جريء اللسان) فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلعم في الإمراء فقال حذيفة انا احفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم رفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ماشاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ماشاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ماشاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت.
*هذا الحديث بهذه الصيغة رواه الإمام احمد في مسنده رقم 18406 قال حدثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن ابراهيم الواسطي حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير .
* ورواه أبو داود الطيالسي رقم 438 في مسنده قال حدثنا داود الواسطي وكان ثقة سمعت حبيب بن سالم سمعت النعمان بن بشير بن سعد .

* ورواه البزار في البحر الزخار رقم 2796 قال حدثنا الوليد بن عمرو بن سكين قال أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال أخبرنا ابراهيم بن داود قال حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير .
* ورواه الطبراني في المعجم الكبير رقم 368 قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا ابو كريب ثنا فردوس الأشعري حدثنا مسعود بن سليمان عن حبيب بن ابي ثابت عن رجل من قريش عن أبي ثعلبة وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن فيكم النبوة ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم يكون ملكا و جبرية" ولم يقل فيه "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".

هذه هي الطرق الأربعة لرواية هذا الحديث وتوجد صيغ أخرى لا تماثل صيغة هذه الرواية وسناتي على ذكرها ويهمنا قبل ذلك أن ننظر في أسانيد هذه الروايات فنبدأ أولا :
بحديث الطبراني في المعجم فقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد رقم 8963 ثم قال رواه الطبراني وفيه رجل لم يسم ورجل مجهول أما الذي لم يسم فهو رجل من قريش واما الراوي المجهول فهو فردوس الأشعري قال الذهبي في ميزان الإعتدال ج4 ص100 وابن حجرفي لسان الميزان ج6 ص26 "مجهول" فبان بذلك ضعف هذه الرواية من جهة سندها .

نأتي لرواية البزار في البحر الزخار ففيها يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال ابن سعد في الطبقات الكبرى 7/304 :ليس هو عندهم بذلك الثبت يذكرون انه حدث عن رجال لقيهم وهو صغير قبل أن يدرك . نعم قد ذكر بن ابي حاتم ان عبد الله بن احمد بن حنبل ;قال يعقوب بن اسحاق الحضرمي صدوق قلت: لكن ذلك لا يسد الخلل في ضبطه وسوء حفظه وقال البزار في هذا السند أيضا لا نعلم أحدا قال فيه :النعمان بن حذيفة إلا ابراهيم بن داود (كذا). أقول لا يدري من قال عن النعمان عن حذيفة أهو يعقوب بن إسحاق الحضرمي وقد علمت ما ذكر فيه ابن سعد أم هو داود بن ابراهيم الذي يرد أيضا باسم ابراهيم بن داود كما عند البزار وعند الحافظ العراقي في محجة القرب إلى محبة العرب 2/17 حين قال معلقا على الحديث هذا حديث صحيح وابراهيم بن داود الواسطي وثقه أبو داود الطيالسي وابن حبان .أقول ان ما ذهب إليه العراقي لا يستقيم وتصحيحه للحديث فيه تساهل لأن ابراهيم بن داود الواسطي ليس هو داود بن إبراهيم الواسطي الذي وثقه الطيالسي وروى حديثه في مسنده برقم 438 وقال حدثنا داود الواسطي وكان ثقة فأنت ترى أن هذا ليس ذاك وإذا أضيف إلى هذا اللبس قول ابن حبان في الثقات ج6/ص280روى عن طاوس وحبيب بن سالم وروى عن ابن المبارك وأبو داود الطيالسي (والمقصود هو داود بن ابراهيم الواسطي(

إضافة إلى أن البخاري في التاريخ الكبير 3/236-237 وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/407 قد فرقا بين داود بن إبراهيم الذي يروى عن طاوس وروى عنه ابن المبارك وبين داود بن ابراهيم الواسطي الذي يروي عن حبيب بن سالم فإذا علمت ذلك تبين لك أن داود بن إبراهيم عير متعين وأن اسمه مضطرب ولا يدرى على وجه التحقيق هل هو ابراهيم بن داود كما عند العراقي والبزار أم هو داود بن ابراهيم كما عند الطيالسي وعليه فإن توثيق ابن حبان يبدو متسرعا لأن هذا الراوي الذي ذكره ليس هو عينه عند البخاري وابن أبي حاتم الرازي فكيف تسنى له توثيقه وهو غير مميز.
وإذا بان لك ذلك أدركت السبب في ترك الشيخين البخاري ومسلم والستة:( أصحاب السنن ابوداود السبستاني ابن ماجة الترمذي والنسائي) الرواية عنه فلم يخرج له أي منهم كما هو واضح من انتفاء ذكره في تهذيب ابن حجر والكاشف في من له رواية في الكتب الستة للذهبي.ويزيدك تأكيدا لذلك أن النسائي "كان لا يترك حديث الرجل حتى يجتمعوا على تركه "ولما لم يخرج له أحد ممن ذكرنا لك آنفا كان ذلك دليلا كافيا على ضعفه .

ثم إن هذا الراوي لا تعرف عينه فقد ذكر ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة من اسمه داود (في ترجمة رقم 1708) داود بن ابراهيم الواسطي عن حبيب بن سالم وثقه الطيالسي وحدث عنه ثم قال في الترجمة التي تليها أي 1709 داود بن إبراهيم عن الحسن بن شبيب فمستوران والواسطي زاد الأزدي أنه مجهول فحذفها الذهبي وقال من قبل نفسه لايعرف قال وروى عنه أيضا يعقوب بن اسحاق وذكر البخاري داود بن ابراهيم سمع طاوسا وروى عنه بن المبارك ولم يذكر فيه جرحا فلعله الراوي عن عبادة أو الراوي عن الزهري" قلت إن ما ساقه ابن حجر يفيد أن داود بن ابراهيم غير متعين كما مر بك آنفا وأنه مجهول العين كما أفاده الأزدي أو هو لا يعرف كما ذهب إليه الذهبي فهو من قبيل "من سمي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحد علمناه ".قاله أبن كثير في اختصار علوم الحديث ص92 (انظر الباعث) فكيف يصار إلى توثيقه وقبول روايته وهو غير متعين ؟ وكيف يمكن الإعتماد على رواية ضعيفة في التأصيل لمستقبل الأمة وتحديد مصيرها ؟ أما روايتا أحمد بن حنبل وأبي داود الطيالسي فهما تشتركان مع رواية البزار من حيث السند في الراويين داود بن ابراهيم الواسطي وحبيب بن سالم. أما الأول فقد تقدم بيان شأنه وحاله من الضعف وأما حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير الأنصاري فقد قال بن حجر العسقلاني فيه في تقريب التهذيب رقم 1095 لا بأس به وقال أيضا في لسان الميزان داود بن ابراهيم الواسطي عن حبيب بن سالم وثقه أبو داود الطيالسي وحدث عنه 2/414-415 ووثقه أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل 3/102 ولكن ما لم يذكره ابن حجر في التقريب وفي اللسان هو قول البخاري فيه :"فيه نظر" التاريخ الكبير 2/2606 وهذا للعارف بأسلوب الإمام البخاري جرح صريح وتضعيف واضح لهذا الراوي قال ابن كثير في اختصار علوم الحديث : من ذلك ان البخاري إذا قال في الرجل "سكتوا عنه" أو" فيه نظر" فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده ولكنه لطيف العبارة في التجريح فليعلم ذلك" .وقد نقل قول البخاري العقيلي في الضعفاء 2/66 رقم 323 وابن عدي في الكامل في الضعفاء رقم52 الذهبي في ميزان الإعتدال والمزي في تهذيب الكمال رقم 1086 وابن حجر في تهذيب التهذيب رقم 332 وقال بن عدي في الكامل ولحبيب بن سالم هذه الأحاديث التي أمليتها وقد خولف في أسانيدها وليس في متون أحاديثه حديث منكر بل قد اضطرب في أسانيده ماروي عنه ولخص الذهبي قول ابن عدي بعبارة وجيزة فقال قال ابن عدي ":في أسانيده اضطراب " قلت ولهذا السبب لم يخرج له البخاري شيئا ولضعف داود بن ابراهيم وجهالته لم يخرج هذا الحديث أحد من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد غير أبي داود الطيالسي وعنه رواه أحمد . قال أبو الفضل المقدسي في أطراف الغرائب والأفراد 3/24 :حديث كنا جلوسا في المسجد ..الحديث وفيه أيكم يحفظ الحديث في الأمراء ..تفرد به ابو داود الطيالسي عن حبيب بن سالم عن النعمان" أقول وحكم هذا الحديث كما قرره علماء المصطلح "أنه منكر مردود لتفرد من لم يكن عدلا ضابطا له" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق